بغداد - IQ
في زمنٍ بات فيه الإبداع معياراً للتفوق وقوّة الإرادة مفتاحاً للنجاح، يواصل أطفالٌ صغار رسم حكايات تتجاوز أعمارهم. ومن بين هؤلاء يبرز الطفل عمر محمد، الذي رفض أن يجعل مرض الهيموفيليا عائقاً أمام طموحه، فشقّ طريقه في عالم البرمجة والابتكار، ليغدو نموذجاً مُلهِماً للأطفال والشباب على حدٍّ سواء.
بدأت رحلة عمر مع التكنولوجيا منذ سنواته الدراسية الأولى، يقول "منذ الصغر بدأتُ بالابتكار، وتحديدًا من الصف الثاني الابتدائي، بدأت بأشياء بسيطة مثل سكراتش والبيكتوبلوكس، وهذه البرامج شجعتني وطوّرت مهاراتي خطوة بخطوة حتى وصلت إلى مرحلة أستطيع فيها تقديم حلول لمشكلات من حياتنا اليومية".
ومن أبرز مشاريعه، ابتكار جهاز ذكي لحماية الأطفال داخل المركبات، يستطيع استشعار الحرارة والغاز والبكاء، ثم يرسل تنبيهًا مباشرًا لذوي الطفل عند حدوث أي خطر.
ويضيف عمر:“هذه المشكلة أودت بحياة الكثير من الأطفال، بعضهم نُسوا في السيارة أو في باص المدرسة وتعرضوا للاختناق أو الحرارة. لذلك حاولت أصمّم جهازًا يحل المشكلة ويحمي الأطفال.”
لم تتوقف طموحات عمر عند حدود مدينته، فقد شارك في مسابقات محلية وإقليمية وعالمية، محققًا نتائج لافتة، من بينها:
- المركز الثاني في المسابقة العربية العراقية للروبوت والتأهل منها إلى المسابقة العربية في الأردن.
- المركز الثالث في المسابقة العربية للروبوت – الأردن.
- جائزة أفضل فكرة خارج الصندوق في مسابقة Codeavour العالمية التي أُقيمت في الإمارات، والمقدمة من شركة أمازون.
تتحدث والدة عمر، التي كانت الداعم والمساند الأكبر له، قائلة: "أخبروني أن عمر لا يستطيع دخول المدرسة بسبب مرضه لأنه يحتاج رعاية خاصة، لكني رفضت أن يكون المرض عائقًا. رافقته إلى المدرسة لفترة، وأدخلته على مسؤوليتي".
وتتابع:“وفّرنا له جهاز لابتوب لتقليل احتكاكه مع الأطفال، ووجهناه نحو دورات البرمجة والذكاء الاصطناعي. ومع الوقت بدأ يتطور وينتقل إلى دورات متقدمة حتى وصل إلى المشاركة في مسابقات عالمية".
ورغم الإنجازات، يبقى أمل الأم الأكبر هو توفير العلاج لابنها. تقول بحسرة “مرضه صعب وعلاجه أصعب، العلاج يتوفر وينقطع بين فترة وأخرى، وحاليًا هناك نقص في علاجات الهيموفيليا في العراق. أتمنى أن يتوفر له العلاج بشكل دائم".
وأشادت والدة عمر بالدعم الذي حصل عليه خلال مسيرته، مؤكدة أن مجلس محافظة الأنبار تبنّى موهبته منذ سنوات، ووفّر له السفرات والإيفادات والدورات التطويرية، وهو ما ترك أثرًا كبيرًا في وصوله إلى هذا المستوى.
ومرض الهيموفيليا هو اضطراب وراثي نادر يصيب قدرة الدم على التخثر بشكل طبيعي، نتيجة نقص أحد عوامل التخثر المسؤولة عن إيقاف النزيف.
ويؤدي هذا النقص إلى نزيف أطول من المعتاد عند أي جرح أو إصابة، وقد يحدث النزيف أحيانًا داخل المفاصل أو العضلات حتى دون وجود إصابة واضحة.