تعقد اللجنة البرلمانية التركية المكلّفة وضع الأسس القانونية والتشريعية لنزع سلاح حزب العمال الكردستاني، اجتماعها الثالث، الثلاثاء، وسط توقعات بتقدم في أعمالها.
ويأتي اجتماع "لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية"، برئاسة رئيس البرلمان نعمان كورتولموش، بعد أيام من اجتماع مغلق عُقد الجمعة الماضي وفُرضت السرية على مناقشاته، كما سيبقى محضر الاجتماع سرياً لمدة 10 سنوات؛ بسبب التطرق إلى موضوعات تخص الأمن القومي التركي.
وخلال الاجتماع، قدم وزير الداخلية، علي يرلي كايا، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين، عرضاً بشأن التقدم المُحرز في عملية نزع أسلحة "حزب العمال الكردستاني" استجابة لدعوة زعيمه التاريخي السجين، عبد الله أوجلان، والخطوات التالية.
وشكّل البرلمان التركي اللجنة في 5 أغسطس (آب) الحالي من 51 عضواً من الأحزاب ذات المجموعات البرلمانية، والتي ليست لها مجموعات برلمانية، باستثناء حزب "الجيد" القومي الذي قاطع اللجنة والعملية بشكل كامل، واتُّفق على تسميتها "لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية".
وقبل الاجتماع الثالث، توقع رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، أن تكمل اللجنة أعمالها بنهاية العام الحالي، ليتم نزع أسلحة "العمال الكردستاني".
ولفت بهشلي، في تصريحات الأحد، إلى"إحراق مجموعة من 30 عضواً في حزب العمال الكردستاني أسلحتهم في السليمانية (شمال العراق) يوم 11 يوليو (تموز) الماضي، في عملية رمزية تؤكد الاستجابة لدعوة السلام والمجتمع الديمقراطي التي أطلقها أوجلان في 27 فبراير (شباط) الماضي.
وقال إن إحراق الأسلحة هو"الحل الأصوب؛ لأن دفن الأسلحة يعني إمكانية استعادتها من جانب عناصر المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني)".
وكان بهشلي، حليف الرئيس رجب طيب إردوغان، أطلق من البرلمان يوم 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مبادرة تركيا خالية من الإرهاب، داعياً أوجلان إلى توجيه نداء إلى حزب العمال الكردستاني لحل نفسه وإلقاء أسلحته.
وعقب النداء الذي وجهه أوجلان في 27 فبراير، عقد الحزب مؤتمراً في 5 و7 مايو (أيار) الماضي، وأعلن في 12 مايو قرار حل نفسه وإلقاء أسلحته.
دعم من إمام أوغلو
في الوقت ذاته، أكد رئيس بلدية إسطنبول، مرشح حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة التركية) للرئاسة المحتجز في سجن «سيليفري»، أكرم إمام أوغلو، تأييده جهود اللجنة البرلمانية. وقال إمام أوغلو رداً على أسئلة وجهها إليه الصحافي السجين في «سيليفري» أيضاً، فاتح ألطايلي، عبر محاميه، إنه «لا يتوقع صدقاً أو إخلاصاً من حزب العدالة والتنمية الحاكم بشأن عمل اللجنة البرلمانية، لكنه يتوقع الجدية في عملها».
ورداً على بعض الانتقادات التي وجهت إلى حزب الشعب الجمهوري بسبب انضمامه إلى اللجنة، قال إمام أوغلو، إن"حزب الشعب الجمهوري هو ضمان الديمقراطية والعدالة والسلام، وفي نهاية المطاف، هو ضمان الجمهورية التركية".
وأضاف أن"هذه العملية لا تقتصر على حزب العدالة والتنمية، بل تشمل جميع مكونات المجتمع التركي"، لافتاً إلى أن هناك مواطنين أكراداً لا يعرفون اللغة التركية، التقى بهم في الأسواق وفي الشوارع في إسطنبول، وعجز عن فهمهم وعجزوا عن شرح مطالبهم، لذلك؛ فإنه يعكف على تعلم اللغة الكردية حتى لا يكون هناك حاجز في التواصل مع جميع المواطنين في تركيا.
بالتوازي، كشفت مصادر تركية عن تنسيق ثلاثي بين الاستخبارات التركية وحكومتي بغداد وأربيل (كردستان العراق) بشأن إخلاء مخيم "مخمور" للاجئين الأكراد من تركيا، في شمال العراق.
ونقل الصحفي المقرب من دوائر السلطة في تركيا، عبد القادر سيلفي، في مقال بصحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة، الاثنين، عن مصادر خاصة، أنه"جرى إنشاء آلية ثلاثية بين جهاز الاستخبارات التركي وحكومتي بغداد وأربيل بشأن عملية نزع أسلحة العمال الكردستاني، وأن الاستعدادات جارية لإخلاء مخيم مخمور، الذي أنشي تحت إشراف الأمم المتحدة في التسعينات، ويعدّ حاضنة لـ(حزب العمال الكردستاني)".
وفي رسالة وجهها أوجلان إلى المقيمين في مخيم مخمور، السبت، قال إن"وضع اللاجئين في (مخمور) من أهم موضوعات نقاشنا في العملية الجارية حالياً، ولا شك في أنه مع تقدم العملية الجارية بالبرلمان التركي (التي يطلق عليها أوجلان: السلام والمجتمع الديمقراطي)، ستتحقّق عودة شعبنا إلى وطنه".
وأضاف: "بالنسبة إلى المنفيين؛ سواء في أوروبا وفي (مخمور)، أعتقد أن عودتهم ستكون جماعية، وسنحدد جغرافيتها. أعتقد أن نصفهم سيرغب في العودة".
وجاءت رسالة أوجلان في الوقت الذي وجه فيه الرئيس المشارك لـ"اتحاد المجتمع الكردستاني (الهيكل المنضوي تحته حزب العمال الكردستاني)"، وهو أحد قياديي "قوات الدفاع الشعبي"، مراد كارايلان، نداء إلى الحكومة العراقية، مطالباً إياها بوقف الهجمات والمضايقات التي تستهدف سكان مخيم "رستم جودي" في مخمور وحصارهم بهدف إخلاء المخيم.
وندد كارايلان، في تصريحات نقلتها قناة "ستريك" القريبة من العمال الكردستاني، السبت، بشدة، بما وصفها بـ"الممارسات العدائية من الحكومة العراقية، مشيراً إلى أن أهالي مخمور صمدوا في وجه هجوم مرتزقة (داعش) عام 2014 حين لم تكن الدولة العراقية موجودة هناك".
وحذر بأن"استمرار النهج العسكري تجاه المخيم سيدفع بقوات (الكريلا)، (التابعة لحزب العمال الكردستاني)، إلى التدخل".