الرئيسية / "قلبي يحدثني أنه حي ".. ما مصير أكثر من نصف مليون عراقي مفقود؟

"قلبي يحدثني أنه حي ".. ما مصير أكثر من نصف مليون عراقي مفقود؟

متابعة- IQ  

نشرت مؤسسةDW   عربية، تقريرا سلط الضوء على اختفاء مئات الآلاف من العراقيين الذين توالت عليهم الحروب، والتركة التي خلفها غيابهم لدى عائلاتهم وأحبتهم، الذين لا يزالون على قيد الانتظار، رغم مرور سنوات طويلة.


ويستهل التقرير بالإشارة إلى "رفاة الجندي عبد الأمير حاج جبار الجادري، الذي لم يتبقَ منه سوى بضع قطع من النقود وساعة يد وقلم وقلادة معدنية تحمل اسمه، استطاعت السلطات العراقية التعرف منها على هويته. فقد أعلنت العام الماضي عن العثور على رفاته بعد أن جرفته السيول من إيران نحو بلدة المشرح العراقية التابعة لمحافظة ميسان جنوبي البلاد".


ويذكر أن "العراقيين حينها الخبر بشأن الجندي المفقود خلال حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، والتي اندلعت عام 1980 واستمرت لثماني سنوات، ليتم تشييع جنازة الجندي بمسقط رأسه في جنوب العراق".


ويضيف، أنه "على الرغم من النهاية الحزينة لذلك الجندي والكشف عن مصيره بعد نحو   40 عاما منذ اختفائه، فعلى الأقل حصلت أسرته أخيرا علي خاتمة لمعاناتهم. ولكن ماذا عن الآلاف الأخرين من المفقودين بالحروب التي توالت علي العراق الواحدة تلو  الأخرى".


احتجاز تحت مسميات أخرى؟


ويكمل التقرير، أن "أربعين عاما من البحث والانتظار لم تفقد أسرة الجندي العراقي حربي رعيد فهد، الأمل في العثور على ابنها المفقود منذ حرب العراق مع إيران بثمانيات القرن الماضي". 


يحكي مادح رعيد فهد، شقيق الجندي المفقود، وفقا للتقرير، عن "طرق أسرته لعدة أبواب بحثا عن ابنها المفقود عقب التحاقه بالجيش العراقي بعد أسبوع واحد فقط من زواجه بشهر يوليو عام ١٩٨٢". 


ويقول مادح: "توجهنا لعدة جهات بعهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وكانوا يقولون لنا باستمرار إنه سيعود. وبعد سقوط النظام العراقي توجهنا للمسؤولين الجدد أيضا، ولكننا لم نعثر على شيء". 


ويشير إلى "توارد أخبار لأسرته بشأن وجود شقيقه بأحد السجون الإيرانية، ليقرر منذ عامين السفر بنفسه إلى إيران بحثا عن شقيقه هناك. وتواصل مادح هناك مع عدد من الجهات الرسمية والمسؤولين، على حد قوله، ليعلم أن شقيقه ربما يكون ضمن المحتجزين"تحت مُسمى سجين وليس كأسيرحرب"، مضيفاً أن "السلطات الإيرانية ربما أعطت شقيقه أسما فارسيا بالسجلات"، ما يصعب من مسألة الوصول له".


المفقودون منذ أيام البعث وحتى اليوم


ويصف مدير دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية بالعراق ضياء طعمة في حوار أجرته DW عربية، ملف المفقودين في العراق بالـ "شائك والمعقد جدا" بسبب "المراحل والحروب التي مرت بالعراق وما وقع بكل منها من حالات اختفاء، بداية من نظام البعث وما خلفه من تغييب قسري ومقابر جماعية، ووصولا إلى الحرب الأمريكية عام 2003 وما تلاها من عمليات إرهابية على يد تنظيم القاعدة أو  تنظيم داعش لاحقا وغيرها من المجموعات المسلحة". 


ويقول طعمة: "نستقبل بمشاركة دائرة الطب العدلي الأسر التي تقوم بمليء استمارة للإبلاغ عن المفقودين… ثم نجمع عينة دم من أسرة المفقود حيث نعمل حاليا على إنشاء قاعدة بيانات لمطابقة العينات مع الرفات التي يتم العثور عليها بالمقابر الجماعية بإجراء تحليل الجينات الوراثية/ DNA للتمكن من تحديد هوية المفقود". 


ويوضح طعمة أن "جميع حالات الفقدان هي من اختصاص دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية، "باستثناء البحث عن مفقودي الحرب مع إيران والحرب مع الكويت حيث تتولى وزارة الدفاع العراقية هذا الملف بالتنسيق مع الصليب الأحمر".


وترى المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق ICRE، سحر توفيق، وفقا DW عربية،  أن "الجزء الأكبر من المشكلة يتمثل في "غياب قاعدة بيانات موحدة لجميع المفقودين في العراق".


وتشرح سحر: "لا يتم التبليغ عن كافة المفقودين فالكثير من أهالي هؤلاء ليس لديهم علم بما يجب القيام به، وبعض المفقودين يتم تسجيلهم بوزارة الداخلية والبعض الأخر بوزارة الدفاع ومجموعة ثالثة مسجلة لدى الصليب الأحمر، ما يصعب حصر جميع الحالات".


وينبه التقرير إلى أن "قانون شؤون وحماية المقابر الجماعية رقم 13 لسنة 2015 ينظم آليات البحث والتحري والتحقيق عن المفقودين والمقابر الجماعية بالعراق. ولا يقتصر عمل المؤسسات الدولية بملف المفقودين في العراق على الصليب الأحمر فقط، حيث تعمل الحكومة العراقية بالمشاركة أيضا مع كل من اللجنة الدولية لشؤون المفقودين/  ICMP وفريق التحقيق الدولي التابع للأمم المتحدة/ UNITAD.".


ويكمل التقرير أنه "في عام 2017، عقب سقوط بعض المحافظات العراقية بقبضة تنظيم داعش، صدر قرار من مجلس الأمن الدولي بتشكيل فريق أممي يتولى مساعدة العراق في التحقيق بالجرائم التي ارتكبها التنظيم هناك، ومن ضمنها جرائم الاختفاء والمقابر الجماعية".


العثور على المفقودين بطريقة غير معقدة


"ويتم العثور على المفقودين أحيانا بأسهل طريقة" على حد وصف المتحدثة الرسمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالعراق، سحر توفيق، "حيث يقومون بزيارة غالبية السجون سواء كانت تابعة لوزارة الداخلية أو الدفاع أو العدل للبحث عن المبلغ عن فقدانهم بقواعد بيانات المسجونين، وتبليغ الأهالي في حالة العثور عليهم".


وتقول سحر: "بمجرد حصول الأسرة على خاتمة لقصة ابنها المفقود، تحصل على الراحة حتى لو أخبرتها بالعثور على رفاته ودفنه لأن ذلك يعني أن له قبر يمكنهم زيارته. أما المصير المجهول فهو من أصعب ما يواجه الشخص".


ويلفت التقرير إلى أنه "لا توجد إحصائية دقيقة عن أعداد المفقودين بالعراق، نظرا لغياب سجل موحد بجميع الحالات، إلا أن العدد المطروح تقريبي ويتراوح ما بين ٥٠٠ ألف لحوالي مليون منذ عام ١٩٦٨ و حتى الآن، وفقا لتقارير دولية".


ومن جانبه، يوضح مدير دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية بالعراق، ضياء طعمة، أن "العراق بصدد إنشاء لجنة تنسيقية تتكون من عدة وزارات بهدف تحديد نافذة واحدة مخصصة للإبلاغ عن المفقودين، ومن ثم البدء في عملية البحث لدى كافة الجهات التي قد يكون المفقود محتجر لديها". 


ويضيف طعمة: "بعد إنشاء هذه اللجنة التنسيقية، سيتم إنشاء سجل وطني للمفقودين بتفاصيل موحدة، ولكن الأمر يحتاج إلى وقت ولتدخل تشريعي".


"قلبي يحدثني أنه على قيد الحياة"!


ويشير إلى أن "أسر بعض المفقودين في العراق تخشى من نسيان أبنائهم في زخم ما تعاني منه العراق من مشاكل أمنية وسياسية واجتماعية واقتصادية، ومن ثم يكون تركيز الجهات المعنية في البحث على المفقودين مؤخرا فقط وليس من اختفى أثرهم منذ سنوات طويلة".


وتؤكد المتحدثة باسم الصليب الأحمر على "اهتمام المنظمة بالجميع بغض النظر عن فترة التغيب"، مضيفة أن "معاناة الأسر واحدة بغض النظر عن المدة، فأمهات وزوجات المفقودين منذ حرب الخليج الأولى ما زالوا ينتظرون أبنائهم ومازال لديهم أمل وتظل الصفحة مفتوحة، وبعضهم لا يحتفل بأي مناسبة سعيدة لأنهم في انتظار عودة الغائب".


ومازال مادح هو  الأخر في انتظار عودة الغائب ويدعو الجميع لمساعدته في البحث عن شقيقه، ويقول: "من المفترض أن يكون عمر أخي حاليا نحو 62 عاما. أشعر أن من واجبي الاستمرار في البحث عنه، فأنا أنظر حولي لمن هم في مثل عمره اليوم وأراهم ما زالوا يتمتعون بالصحة والعافية وقلبي يحدثني أنه مازال على قيد الحياة"!


واختتم التقرير بالإشارة إلى أن "مادح لم يفقد الأمل في العثور على أخيه، فهو في انتظار رحمة الله به بينما اسم شقيقه حربي لا يرحل أبدا عن باله، على حد قوله. فهل يعود حربي وآلاف غيره من المفقودين لوطنهم قريبا؟!".



1-11-2020, 11:44
المصدر: https://www.iqiraq.news/society/2513--.html
العودة للخلف