الرئيسية / "فالح باشا".. صرح ديني يشهد على قرن ونصف من التعايش المذهبي في الناصرية

"فالح باشا".. صرح ديني يشهد على قرن ونصف من التعايش المذهبي في الناصرية

ذي قار- IQ  

         

لا يزال صوت أذان أقدم مسجد في مدينة الناصرية، يصدح عبر مكبرات الصوت، وسط سوق المدينة القديم، مرتفعا فوق أصوات الدراجات والباعة، ليكون مثالا شاخصا للتعايش بين طوائف المدينة ومذاهبها، بعد قرن ونصف القرن على تشييده. 


مسجد فالح باشا السعدون الصغير، الذي يتوسط، محلات بيع المواد الغذائية والملابس، يقف شاخصا بين كل هذه التفاصيل اليومية من حياة السكان وسط مدينة الناصرية، بهيئته القديمة التي لاتزال آثارها واضحة عند التجوال بالقرب منه.


ومنذ الوهلة الأولى يظهر المسجد بشكله القديم دون أي تغيير بطابوقه المنظم بشكل جيد عند الواجهة، بينما تعلو المسجد كومة حديد وضع عليها أجهزة صوت على السطح من أجل الأذان وتكاد تكون بسيطة بينما تتشابك الأسلاك الكهربائية قرب بابه الذي يبدو أنه لم يتغير منذ زمن بعيد، بينما تغزوه العربات الخشبية والدراجات النارية جدرانه الخارجية والتي أصبحت موقعا لأصحاب المحال التجارية القريبة.


وبحسب ما مكتوب عند مدخل باب المسجد فأنه قد تم افتتاحه في العام 1869 وحمل اسم جامع فالح باشا السعدون الصغير، وهو العام نفسه الذي تأسست فيه مدينة الناصرية، ويقع في سوق سيد سعد، وتبلغ مساحته 200 متر، ويتسع لأكثر من 150 مصليا، تم بناؤه من الطين والجندل والحصير والبواري القديمة.


وحتى اليوم لا يزال طابعه الأثري واضحا حيث تبرز بعض تفاصيل القديمة من البناء، وبحسب المصادر التاريخية فإن المسجد تم بناؤه من قبل والدة فالح باشا تم بناؤه اول مرة بالبواري والجندل ثم عّمر وأصبح بناؤه من الطابوق ومسقف بالخشب والحصران.


ويتكون من قاعة للصلاة وأماكن للوضوء وحديقة جانبية وغرفة للمتولي وخادم المسجد وأيضا يحتوي على 6 محال مؤجرة للمواطنين وإيجارها يعود للوقف السني.


يقول أبو أحمد وهو صاحب محل قرب المسجد، في حديث لموقع IQ NEWS، إن "الجامع لا يزال يعمل لكن في فترة جائحة كورونا تم أغلاقه، وهو الآن متوقف ولا يفتح بشكل رسمي ورغم وقوعه في قلب السوق لكن ببعض الأحيان نستخدم دورة المياه والحمامات الخاصة به طوال اليوم".


ويضيف أبو أحمد، أن "الجامع تم إغلاقه منذ أشهر وهو متروك حاليا إلا ببعض الأحيان نحن أصحاب السوق نقوم بتنظيفه أو ترتيبه من الداخل أو الصلاة بشكل فرادى وليس بشكل جماعي والمسجد ببنائه القديم يحتاج الى رعاية ومتابعة الى الجهات ذات العلاقة لكي تحافظ عليه".


ويقول حيدر يعقوب وهو أحد الساكنين بالمنطقة القريبة على المسجد لموقع  IQ NEWS، إن "المسجد منذ زمن طويل يعاني من بعض الأضرار ويحتاج الى ترميم لكي يحافظوا عليه، والمسجد يتبع لإخوتنا في الوقف السني وبين فترة وأخرى يأتي أحدهم لمعاينته ومن ثم يذهب، جدران المسجد متهرئة وتحتاج الى ترميم وتعديل حتى لفترة قليل كنا نصلي بيه بشكل طبيعي".


ويتابع: "أتذكر بحسب حديث والدي فإن الجامع تم ترميمه بداية الستينات وسمي بهذا الاسم نسبة لفالح باشا السعدون وهو الأبن البكر لناصر باشا الأشقر مؤسس الناصرية، والجامع هو يحمل اسم جامع الناصرية الكبير، أو جامع فالح باشا الكبير الذي يقع على نهر الفرات بالقرب من مبنى المحافظة القديمة".


وظل المبنى على هذا الحال منذ سنوات طويلة دون أي ترميمات أخرى سوى ما ترميم عام 1966 الذي تبنته وزارة الأوقاف الدينية آنذاك، وعلى إثر ذلك كانت ملاحظية الوقف السني بالمحافظة قد حذرت في العام 2017 من انهيار المسجد القديم داعية الى إعادة بنائه أو هدمه بطريقة محكمة تجنبا لانهياره.


ومن بين الحلول المقترحة بحسب ملاحظية الوقف السني آنذاك هو عرضه للاستثمار ويتضمن بناء محال تجارية بواجهة المسجد مقابل بناء المسجد وإكماله بحسب عقد استثماري يوقع لتنظيم هذا الموضوع.


ويقول مدير مفتشية أثار ذي قار، طاهر كوين لموقع IQ NEWS، إن "وحدة التراث في الدائرة كانت قد قامت بجرد مسجد فالح باشا الصغير من ضمن الأبنية التراثية بالمحافظة حيث يجري متابعتها بشكل مستمر لمنع التجاوز عليها أو ترميمها الإ بإشراف مفتشية الاثار والتراث".


ويضيف كوين بأن "المسجد مغلق منذ جائحة كورونا بحسب متابعة قسم التراث بالدائرة، كما أن المسجد يتبع الى أملاك الوقف السني في المحافظة".


فيما يؤكد مسؤول قسم المساجد بدائرة الوقف السني بمحافظة ذي قار نجم عريمط لموقع IQ NEWS، بأن "مسجد فالح باشا الصغير يستقبل المصلين في كل الأوقات وهو بناء تاريخي يمثل تاريخ المحافظة ومفتوح للجميع بلا استثناء".


ويوضح عريمط، أن "المسجد لا يوجد فيه أي متولي وهو تابع الي مديرية الوقف السني في محافظة ذي قار، وهي إحدى تشكيلات ديوان الوقف السني ومرتبط  برئاسة الوزراء".


وعلى الرغم من السنين الطويلة التي شهدها المسجد الذي يقبع اليوم في قلب سوق الناصرية القديم الا أنه يمثل ذاكرة حية وشاهد عيان على تأسيس الناصرية  قبل أكثر من 150 عاما، لكنه قد يتحول يوما ما الى مشروع استثماري في حال تعرضه للانهيار بسبب بنائه القديم.



24-12-2020, 13:53
المصدر: https://www.iqiraq.news/reports/6949--151-.html
العودة للخلف