الرئيسية / "هنا أُحرق جنود البيشمركة".. "مقصلة" داعش في الحويجة تتحوّل لكورنيش سياحي: الدمار يزول

"هنا أُحرق جنود البيشمركة".. "مقصلة" داعش في الحويجة تتحوّل لكورنيش سياحي: الدمار يزول

كركوك- IQ 


قبل سنوات، كانت مدينة الحويجة، الخصبة التي يتغنى بترابها العراقيون، حتى قالوا عنها "ترابج يا الحويجة يرهم كحل للعين"، أحد أهم معاقل تنظيم (داعش) وقبله، مركزا لصراع القوى المتناحرة منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، لكنها اليوم تحاول جاهدة نفض غبار سنوات الدماء والقتال، وبدأت فيها عمليات الترميم والبناء وإعادة سكانها النازحين إلى ديارهم.   


وتعرف الحويجة بترابها الخصب وجودة اراضيها ووفرة محاصيلها التي تشتهر فيها صيفا وشتاءً، حيث تعد ثاني أكبر قضاء مصدر للخضروات في العراق، ويعيش الجزء الأكبر من سكانها على الزراعة، ومن أبرز المحاصيل الزراعية بالمنطقة القطن والذرة والحنطة والشعير.


من جهة أخرى، لم تعرف المدينة الاستقرار الأمني بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، حيث شهدت تفجيرات وهجمات عدة، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.



تعويضات من هولندا جراء قصف جوي


وفي عام 2015، قُتل 70 شخصًا على الأقل في غارة جوية على مدينة الحويجة، في سقوط قنبلة من طائرة هولندية، وسط مطالبات من أهالي الضحايا للحصول على تعويضات من قبل الحكومة الهولندية.


ويقول الناشط احمد الجبوري لموقع IQ NEWS، إن "دولة مثل هولندا يجب أن تتحمل مسؤولية، حيث على الشخص المسؤول ان يدفع الثمن"، مشيرا إلى "جمع معلومات وتوثيق 50 حالة من بين نحو 300 ناجٍ من الانفجار تنطبق عليهم شروط التعويض"، كما يؤكد مديرها، توفان عوض "تقدم كثيرون، لكن علينا أن نتحقق من كل شيء، إذ أن هذا الأمر ليس بالسهل، لأن الكثير من الأدلة قد اختفت، ففي عام 2015، لم تكن هناك مستشفيات حكومية، ولا جهة محلية رسمية تتبع الحكومة في الحويجة ".


وبعد سنوات من الغارة، لا يزال العدد الدقيق للضحايا غير واضح. يتطلع الناجون الى حكومة هولندا للحصول على تعويض، في الوقت الذي لا تقدم فيه الحكومة العراقية دعماً كافياً للضحايا. لم يفقد الناس منازلهم فحسب؛ بل فقدوا معيليهم ومصادر دخلهم. تم تدمير حوالي 200 متجر في الهجوم. تقول احدى السيدات: "ليس لدي نوافذ ولا أبواب ولا مال"، مضيفة، "على الحكومة الهولندية مساعدتنا"، فيما يقول موسى جاسم، عمدة حي اليرموك، الذي كان اشد الأحياء تضرراً: "كان الناس نائمون في الخارج بسبب حرارة الجو المرتفعة، وبسبب قوة الانفجار طارت أجساد بعضهم في الهواء عدة امتار، فيما دمرت منازل ومتاجر ومدارس ومستشفيات".


واستهدفت القنبلة الهولندية مبنى كان يستخدمه تنظيم  كمصنع للقنابل في مجمع صناعي، محاط من ثلاث جهات بأحياء سكنية للمدنيين، حيث كانت هناك ثلاث شاحنات بها صهاريج مليئة بالمتفجرات متوقفة عند المجمع الصناعي، وكان من المنتظر استخدامها في هجوم على مصفاة لتكرير النفط في بيجي وتسبب المزيج الكيميائي القاتل في حصد أرواح ما لا يقل عن 70 مدنياً. فيما قتل أشخاص على بعد كيلومتر من الموقع، بسبب موجة الصدمة التي أعقبت الانفجار الهائل.


موقع مقصلة داعش يتحول إلى كورنيش للاستجمام


ويقول المعاون الفني لمحافظ كركوك علي حمادي لموقع IQ NEWS، إن "قضاء الحويجة تعرض الى تخريب متعمد من قبل عناصر داعش الارهابي، وبفعل العمليات العسكرية، مما تسبب بدمار البنى التحتية"، مؤكدا أن "عملية اعمار تلك الاضرار، قد بدأت بالفعل، واستطاعت تنفيذ عشرات المشاريع واعادة الحياة لقضاء الحويجة، كما تمكنت من اعادة عدد من الجسور الى الخدمة وبناء المدارس واكساء جميع الطرق الرئيسية والفرعية في قضاء الحويجة".


وأشار حمادي إلى أن "إدارة كركوك اولت لقضاء الحويجة اهتماما لإعادة الحياة وسكانها النازحين الى ديارهم، كما نفذت عشرات المشاريع للبنى التحتية". 


من جهته يقول عضو مجلس قضاء الحويجة السابق أحمد خورشيد لموقع IQ NEWS،  إن "قضاء الحويجة يشهد حملة اعمار مميزة ساهمت في اعادة الحياة اليها، واليوم نشهد تحول شارع رئيسي الى كورنيش للاستجمام والجلوس مع العائلة، في الوقت الذي يتذكر فيه الجميع اجرام داعش، الذي كان يقوم بإعدام المدنيين بواسطة مقصلة وسط المدينة".



وأشار خورشيد إلى أن "حركة العمران في الحويجة تمسح جميع ما طالها من دمار وخراب، وتعمل ادارة كركوك على تنفيذ المشاريع كخطوة لإظهار المدينة بصورة جميلة، بعيدا عن صور الدمار والقتل والذبح التي كان يمارسها تنظيم داعش".




ويقول أحد سكان الحويجة سعدون العبيدي إن "قضاء الحويجة يشهد اليوم حركة عمران مميزة وهي خطوة مهمة من خلال تنفيذ المشاريع في القضاء لإعادة الحياة والاستقرار فيها، أهمها ترميم كورنيش الحويجة، حيث كان هذا الشارع مقصلة لداعش، واليوم نراه يتحول مشروع جميل يزين المدينة ويعطيها جمالية".




والحويجة، هي مدينة عراقية في محافظة كركوك، تتميز بثقلها السكاني العربي السني، وتقع (كم جنوب غربي كركوك 250)، (230 كيلومترا شمال شرق بغداد)، وعلى امتداد طريقين رئيسيين يصلان بغداد بمحافظة نينوى، فيما تعد الموصل كبرى مدنها الواقعة في الشمال الغربي للبلاد، واقليم كردستان في شمال شرق العراق.


وتتبع الحويجة اداريا إلى محافظة كركوك، وتعتبر احدى المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية ببغداد واقليم كردستان العراق، وذلك وفق المادة 140 من الدستور العراقي.


وسيطر عليها تنظيم داعش عام 2014، قبل أن تطلق حكومة بغداد في سبتمبر/ ايلول 2017، عملية عسكرية لاستعادة المدينة من التنظيم. 



ويقدر عدد سكان الحويجة بنحو 450 الف نسمة، ويمثلون اغلبية مطلقة من العرب السنة الذين ينتمون بصورة رئيسية الى عشائر العبيد والجبور والنعيم والعزة وبني جميل والسبعاويين وغيرهم، وتكمن أهمية الحويجة في أنها غنية بإبار ومصافي البترول، بالإضافة لكونها مدينة مركزية واستراتيجية على الطريق الرابط بين المحافظات ( الولايات)، التي كان قد اعلنها تنظيم داعش في تكريت وبيجي، ومنها الى الموصل ثم الحدود العراقية مع سوريا وتركيا.


كما أن موقع القضاء الجغرافي بين كركوك والموصل وصلاح الدين وقربها من اقليم كردستان، جعلاها مركزا للصراع ومحط انظار القوى المتناحرة منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، كما أنها جزءا من مدينة كركوك المتصارع عليها بين القوى السياسية العراقية والأحزاب لامتلاكها خزين نفطي كبير.


استحداث القضاء  عام ١٩٦١


واستحدث قضاء الحويجة بموجب المرسوم الجمهوري في 1961، فيما طالبت احزاب سياسية ونشطاء عام 2013، بتحويل القضاء الى محافظة، لكن مجلس محافظة كركوك، رفض ذلك.

احداث وهجمات دامية 

وفي عام 2013، قام سكان الحويجة بتنظيم تظاهرات واعتصامات ضد حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، طالبوا خلالها بأطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات، والغاء المادة الرابعة من قانون مكافحة الارهاب، والابتعاد عن سياسات الاقصاء والتهميش.


وفي حزيران 2014، سيطر مسلحو تنظيم داعش على الحويجة، وشنوا منها هجمات باتجاه مركز محافظة كركوك ومناطق اخرى متاخمة لمحافظة صلاح الدين، وفي 22 شباط 2015   بث تنظيم داعش، فيديو هددت من خلاله بحرق عدد من عناصر قوات البيشمركة الكردية، بعد أن أسرتهم سابقا في محافظة كركوك العراقية، فيما يظهر الفيديو، عناصر لداعش وضعوا 21 شخصا قالوا انهم من قوات البيشمركة، في اقفاص حديدة، مرتدين الزي البرتقالي الذي اعتمده داعش في كافة الاعدامات التي نفذتها سابقاً، وجال بهم مسلحو الجماعة في شوارع قالت انها في كركوك، فيما كان الفيديو تحت اسم أسرى البيشمركة في ولاية كركوك، وتعد هذه المرة الثانية التي يهدد فيها داعش بحرق اسرى بعد حرق الطيار الاردني معاذ الكساسبة.



يذكر أن سكان الحويجة، قد تعرضوا لمعاناة انسانية نتيجة الحصار الذي فرضته عليهم القوات العراقية والبيشمركة الكردية لشل حركة عناصر تنظيم الدولة، مما أدى الى تدهور الوضع الانساني ونفاد المواد الغذائية والأدوية.


وفي 21 أيلول 2017، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، عن بدء المرحلة الأولى من عملية استعادة الحويجة من تنظيم داعش، وقال في بيان أن "بدء المعركة يأتي وفاءا لعهدنا لشعبنا بتحرير كامل الأراضي العراقية وتطهيرها من عصابات تنظيم الدولة الارهابية".


وكان رئيس الوزراء العراقي، قد أعلن في تموز 2017، استعادة مدينة الموصل بالكامل من تنظيم الدولة، بعد معارك استمرت تسعة أشهر، مسفرة عن الأف القتلى، ودمار كبير في البنية التحتية، كما أعلن عن استعادة كامل محافظة نينوى شمالي البلاد من سيطرة التنظيم.


وتزامن اعلان البدء باستعادة الحويجة، مع دعوة رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني، بإجراء استفتاء على استقلال الاقليم في 25 ايلول 2017، وسط رفض من حكومة بغداد ومعارضة اقليمية ودولية، حيث تمكنت القوات العراقية في 16 تشرين الأول عام 2017، من فرض سيطرتها على مدينة كركوك وباقي المدن واخراج قوات البيشمركة منها وفرض سيادة القانون على المناطق المتنازع عليها.



22-08-2021, 23:55
المصدر: https://www.iqiraq.news/reports/26196--.html
العودة للخلف