الرئيسية / من شعارات عامة إلى برامج محددة بموعد.. تغيّر القواعد السياسية بعد "داعش"

من شعارات عامة إلى برامج محددة بموعد.. تغيّر القواعد السياسية بعد "داعش"

بغداد - IQ  

"هناك أناس لعبوا بأمن محافظاتنا واستقرارها ومستقبل أبناءها بمشاريعهم السياسية الوهمية".

بهذه الكلمات اختزل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ما يراه سبباً للدمار البشري والعمراني الذي لحق بالسنة في العراق جراء سيطرة تنظيم داعش على مدنهم في شمال وغرب العراق، مدة 3 سنوات، بدأت صيف 2014.

آلاف المدنيين القتلى والجرحى، وحوالي 24 ألف مفقود أو "مغيب قسراً"، على أقل التقادير، ذهبوا ضحية خلال تلك السنوات، فيما بلغت كلفة الأضرار المادية، وفق تقدير بغداد، أكثر من 100 مليار دولار.

وتضررت البنى التحتية عموماً، والكثير من المنشآت الحكومية وغير الحكومية، ومنها مستشفيات ومدارس وجامعات ومنازل لمواطنين وغيرها، ولا يزال بعضها دون إعادة إعمار حتى الآن.


"لقد أجبر النزاع الذي أحدثه تنظيم داعش أكثر من 5 ملايين عراقي على الفرار من ديارهم، وتسبب في تدميرالمدارس وتعطيل المستشفيات. وتأثرت سبع محافظات بشدة على أثر ذلك النزاع، ما احدث موجات من الصدمة سادت البلاد بأسرها"، يقول الأمين العام السابق لمجلس الوزراء علي العلاق في مفتتح تقرير أعدته الحكومة العراقية والبنك الدولي عام 2018.

ويفصّل هذا التقرير بالأرقام، حجم الضرر والأموال المطلوبة لإعادة الإعمار، في مختلف القطاعات.


إضافة إلى ذلك، أحدث دخول تنظيم داعش لمدن غرب وشمال العراق شرخاً في المجتمع السني، فمن انتمى للتنظيم وشارك بإعداماته الجماعية أو الفردية للذين خالفوا القوانين التي فرضها قسراً، صار مطلوباً لعشائر الضحايا، أما عائلته فلا يمكنها العودة لمنطقتها وممارسة حياتها اليومية بسهولة، بغض النظر عن مصير ابنها.

في محافظة ديالى وحدها، لا تزال 16 قرية مستعادة من داعش، فارغة وسكانها نازحون حتى الآن، بسبب انتماء بعض أبناءها أو أقاربها للتنظيم.


على المستوى السياسي، انغمرت الكثير من الوجوه التي كانت بارزة يوماً ما، وتوارت أمام هذه الأرقام والمشاهد، دون أن تلقى قبولاً مجتمعياً مثل الذي كان قبل 2014.

في تلك السنوات، كانت البرامج السياسية للأحزاب الشيعية والسنية، تقوم على الشعارات الكبيرة التي تلامس هواجس المكونات، فبعض الساسة السنة، ومنهم بارزون، يطرحون قضية "التمييز" المذهبي من قبل الحكومة الشيعية.
بينما نظرائهم من السياسيين الشيعة، يطرحون دائماً فرضية عودة حزب البعث للسلطة مجدداً رغم تلاشيه وتثبيت مادة في الدستور بحظره واعتقال من يروج له.

في لقاء شهير بين نائبتين، شيعية وسنية، قالت الأولى للثانية: "نحن تقاسمنا الكعكعة وأخذ كلُ منا حصته"، مستنكرة الأصوات السياسية السنية التي كانت تتحدّث وقتها عن احتكار الأحزاب الشيعية للسلطة.

حينها، كان مواطنو المكونين الرئيسين، الشيعة والسنة، يبدون تذمراً من واقعهم المعاش، فالبطالة ونقص الخدمات والفساد المالي والإداري ينتشر في مناطق وسط وجنوب العراق، بينما يجد المواطن السني في شمال وغرب البلاد صعوبة في الحصول على وظيفة حكومية إن لم ينتمِ لحزب ما.

في مقطع مصور آخر، ظهرت نائبة سنية، وهي تردّ على شابٍ طلب مساعدتها ليحصل على وظيفة، قائلةً: "دع فلان الذي انتخبته يعيّنك.. أنا عيّنت والدك لكنك ذهبت وانتخبت فلان!" ثم تركته خلفها ومشت.

وجوه جديد.. وبرامج

بالنسبة لمدن وسط وجنوب العراق، فلم تعد فرضية عودة حزب البعث للسلطة تخيف الكثيرين، ولم يعد التخويف من الآخر يجدي في إقناع الكثيرين بغض النظر عن نقص الخدمات وانتشار البطالة والفساد.

عندما خرج الآلاف في تظاهرات تشرين 2019 احتجاجاً على الواقع المعاش، وما تخللها من أعمال عنف أدت لمقتل المئات وإصابة حوالي 26 ألف شخص، قالت المرجعية الدينية في النجف على لسان ممثلها في كربلاء أحمد الصافي: "إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أنّ بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون".

وأضاف: "لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك".


وحتى الآن، لم تتضح طبيعة البرامج الانتخابية التي ستببناها القوى الشيعية التقليدية، والتي ستواجه لأول مرة، في الانتخابات المقرر إجراؤها في تشرين الأول المقبل، قوى جديدة بعضها على صلة بتظاهرات تشرين 2019، وتنادي بمطالبها.

غموض البرامج الانتخابية والسياسية هذه يكتنف أيضاً عمل العديد من القوى السنية.

بعضهم، عمِد قبل أيام إلى التنسيق مع داوئر البلدية في ديالى لإطلاق حملة إكساء لبعض الشوارع، ثم انتشرت لافتات على الجدران تشكره نيابة عن "أهالي المنطقة".

لا يفضل العديد من السياسيين إطلاق وعد وتحديد تنفيذه بمدة زمنية أمام الجمهور، إذ لم ينس بعضهم حتى الآن وعد وزير الكهرباء الأسبق حسين الشهرستاني بأن العراق سيصدر الكهرباء في عام 2012، بينما لا تزال أزمة نقصها تتجدد صيف كل عام.

"سنقارن الصور"

قبل أيام، خالف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي هذا التوجه.

قال الحلبوسي خلال مؤتمر حضره أعضاء حزبه "تقدم" وجمهور من مواطني محافظة صلاح الدين، إن الذكرى الثامنة لاستعادة المدينة من داعش، والتي تحلّ في العام القادم، ستشهد عرضاً على هذه الشاشة، وأشار إلى شاشة موضوعة في جانب مكان المؤتمر.

"سنضع صوراً توّثق الدمار السابق والحالي في صلاح الدين، وبجانبها صور لشكل المدينة الجديد".

وصّعد الحلبوسي لهجته، عائداً إلى النقطة الاولى التي "بدأ منها الدمار"، وقال إن "هناك من لعب بأمن محافظاتنا واستقرارها ومستقبل ابنائها، بمشاريعهم السياسية الوهمية.. إن حاولوا ذلك مجدداً سأكسر ظهرهم.. بالقانون وبالحق سنكسر ظهرهم".



11-06-2021, 21:36
المصدر: https://www.iqiraq.news/reports/21756--.html
العودة للخلف