بغداد - IQ
أفصح سياسيون عن بروز مقترح لطرح مرشحي الرئاسات الثلاث في جلسة واحدة لمجلس النواب ليتم التصويت عليهم ضمن سلّة واحدة، فيما توقعوا أن تكون مدة اختيار الأسماء لرئاسة الوزراء والمناصب السياسية نحو ثلاثة أشهر.
في ذات الوقت، تتسارع الخطى داخل أروقة القوى السياسية العراقية مع بدء مرحلة الحوارات المكثفة لتشكيل الحكومة المقبلة، وسط تنامي المؤشرات على ارتفاع منسوب التفاوض بين المكونات الرئيسية الثلاثة.
حراك الإطار
عضو "ائتلاف دولة القانون"، ضياء الناصري، بيّن، أن "المسارات الجارية لتشكيل الحكومة تمضي بصورة متسارعة في سباق مع المصادقة على نتائج الانتخابات، وهناك نية حقيقية من قبل قيادات (الإطار التنسيقي) لأجل الإعلان عن مرشح (الكتلة الأكبر - الإطار التنسيقي) لرئاسة الوزراء، وهناك نية حقيقية من أجل التواصل إلى إجماع شيعي على تسمية هذا المرشح وعدم التأخر بإعلان اسمه قبل عقد الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي في دورته السادسة".
وقال الناصري بحسب الصحيفة الرسمية: إنه "بالتزامن مع هذا الحراك؛ فإن هناك لجنة مشكّلة من قبل (الإطار التنسيقي) تقوم بالتواصل مع باقي القوى السياسية من المكونات الأخرى ضمن الفضاء الوطني - وخصوصاً مرشحي رئاسة مجلس النواب ورئاسة الجمهورية"، مشيراً إلى أنه "من خلال الجولة الأولى لهذه المباحثات فقد لمسنا نية حقيقية بإجراء توافق طرح أسماء مرشحين الرئاسات الثلاث في (سلّة واحدة) واختيار رئيس مجلس النواب والتصويت على رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء أو مرشح (الكتلة الأكبر) بتشكيل الحكومة ضمن جلسة واحدة، وكما يبدو من الفضاء السياسي حصول هذا التوافق على هذه الآلية".
وتابع، أن "كل الأطراف تدرك صعوبة التحديات ومحاولة تصفير الخلافات أو وضع حلول لكل الاشتراطات التي قد تؤدي إلى تأخير هذا الاتفاق الثلاثي، لكن الفضاء السياسي يبدو مستعداً أكثر من المرّات الماضية للتوصل إلى وضع اللمسات النهائية على هذه (السلّة الواحدة).
من جانبه، توقع عضو "ائتلاف الإعمار والتنمية" عبد الهادي السعداوي، أن عملية اختيار أسماء المرشحين لرئاسة الوزراء قد تطول لشهرين أو ثلاثة.
وقال السعداوي: إن "اللجان التي تشكلت لوضع آلية اختيار رئيس الوزراء والمناصب السيادية لم تحدد خياراتها لغاية الآن"، وأضاف أن "هذه العملية قد تستمر لشهرين أو ثلاثة أشهر لحسم هذا الأمر".
أما المحلل السياسي، عباس العرداوي، فقد أكد أن "هنالك ثلاثة أسس يعمل عليها (الإطار التنسيقي) خلال المرحلة المقبلة".
وقال العرداوي: إن "الأسس الثلاثة هي تهدئة النفوس، والعمل على سحب الاحتقان الحاصل بين الكتل السياسية، وقراءة الخيارات بشكل صحيح التي من الممكن أن تتناسب مع رغبة الجمهور الذي خرج بقوة في يوم الاقتراع لاختيار ممثليه لمجلس النواب ويراقب في الوقت نفسه أداء السياسيين".
مفاوضات ومؤشرات
وتستمر في المشهد العراقي، المفاوضات والحوارات البينية، سواء في داخل الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات أو في ما بينها، وهناك تباين في وجهات النظر بشأن تلك المفاوضات.
وأكدت المرشحة الفائزة عن "تحالف العزم"، نهال الشمري، أن التحالف يواصل العمل بشكل مكثّف لمتابعة إجراءات تشكيل "المجلس السياسي الوطني" والتهيؤ للمرحلة السياسية المقبلة.
وقالت الشمري: إن "(تحالف العزم) يولي أهمية كبيرة لملف التفاوض مع الشركاء السياسيين، بهدف تحديد نقاط الاتفاق والخلاف، ووضع آليات واضحة للتعامل معها، بما يضمن وحدة المواقف وتحقيق أعلى مستويات التوافق الوطني".
وفي ما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة، أوضحت أن "التحالف يسعى إلى بلورة رؤية شاملة لمواجهة التحديات الاقتصادية، والسياسات الخارجية، وملف المياه، إلى جانب وضع آليات فاعلة للتعامل مع التشريعات، وتعزيز العلاقة بين المركز والإقليم، والحفاظ على الأمن الوطني".
وأضافت الشمري، أن "التحالف يراقب باهتمام الزيارات واللقاءات الثنائية بين القوى السياسية، ومنها زيارة المالكي إلى أربيل، لما تمثّله من مؤشرات مهمة على اتجاهات الحوار السياسي وإمكانات بناء التوافق الوطني".
وأكدت، أن "هدف هذه التحركات هو ضمان تشكيل مجلس قادر على إدارة المرحلة المقبلة بكفاءة، وتحقيق التوازن بين المكوّنات، وتعزيز استقرار الدولة وتماسكها السياسي".
لجان الاختيار
المحلل السياسي طالب محمد كريم، بيّن، أن "المفاوضات السياسية لتشكيل الحكومة المقبلة في العراق لا تزال مستمرة على مستويين متوازيين، الأول داخل كل مكوّن لترتيب البيت الداخلي، والثاني بين المكونات لرسم ملامح الحكومة المقبلة".
وأشار، إلى أن "(الإطار التنسيقي) الشيعي فعّل لجانه؛ لجنة لاختيار مرشح رئاسة الوزراء، ولجنة أخرى للتفاوض مع الكرد والسنة". وأوضح أن "لجنة اختيار المرشح أوضحت أنها اعتمدت معايير محددة، أبرزها قبول المرشح داخل الإطار، ويمتلك خبرة تنفيذية وقدرة على إدارة التوازنات الأمنية والاقتصادية، مع مراعاة أن لا يتحول المنصب إلى (زعامة انتخابية).
وتابع كريم، أن "اللجنة المكلفة بالتفاوض مع الشركاء، تعمل وفق (سلّة ملفات) ثابتة، تتضمن مع الكرد الموازنة، قانون النفط والغاز، كركوك، ورواتب الإقليم، ومع السنة رئاسة البرلمان، الإعمار، الوجود الأمني، وملف المعتقلين والعفو"، وأكد أن "الآلية الداخلية داخل (الإطار) تضع خطوطاً تفاوضية مشتركة تسمح بهوامش محدودة للمناورة حسب ردود فعل الشركاء".
وبخصوص ملامح الحكومة المقبلة، رجّح كريم، أنها "ستتجه نحو البرغماتية أكثر من السياسية، للتعامل مع التحديات الاقتصادية وضغوط الرواتب والنفط، وموازنة العلاقات الخارجية، كما ستكون الحكومة القادمة بحاجة لضمان تمرير القوانين الكبرى عبر التوافق، والحفاظ على الاستقرار الأمني، بالإضافة إلى صياغة آلية مرنة لإدارة حصة المركز – الإقليم من الإيرادات".
وأضاف، أن "المشهد الحالي يظهر مفاوضات متوازية ومفتوحة، ولا يملك أي طرف الأغلبية المطلقة، ما يجعل تشكيل الحكومة المقبلة مرهوناً بتفاهمات مركّبة تحافظ على توازن المكونات الثلاثة قبل حسم اسم رئيس الوزراء".
مرحلة حسّاسة
فيما أشار المحلل السياسي عائد الهلالي، إلى أن "المفاوضات داخل (الإطار التنسيقي) ومع الشركاء من الكرد والسنّة تمر بمرحلة حساسة تحكمها اعتبارات تتعلق بالحفاظ على التماسك الداخلي، والتقدم في التفاهمات الإقليمية والمحلية، والتعامل الحذر مع الملفات السيادية مثل المياه والأمن والطاقة".
وأوضح الهلالي، في حديث لـ"الصباح"، أن "زيارة المالكي إلى أربيل حملت رسائل اختبارية تهدف إلى فتح جسور تواصل جديدة مع القوى الكردية بعد سنوات من التباعد"، مبيناً أن "(الإطار) شكّل لجاناً لمقابلة المرشحين وهي خطوة مهمة جدا".
وأكد، أن "اللجنة المكلفة بالتفاوض مع الكرد والسنّة وضعت أولويات ترتبط بالضمانات الدستورية لإدارة الثروات والرواتب، وآليات معالجة ملف النفط والمنافذ، وإطار عملي للتعامل مع أزمة المياه ذات البعد الإقليمي المتزايد"، لافتاً إلى أن "اللجنة تعتمد آلية تشاور داخلية تقترح البنود ثم تعرضها على قادة الكتل قبل اعتمادها، مع إبقاء بعض الملفات الحساسة ضمن المباحثات المغلقة".
وكشف الهلالي، عن أن "ملامح الحكومة المقبلة ينبغي أن ترتكز على برنامج اقتصادي يعالج التضخم والعجز، وعلى سياسة خارجية متوازنة مع الجوار، وعلى تشريعات إصلاحية تتجنب الفراغ القانوني، وعلى إعادة تفعيل لجان مشتركة بين المركز والإقليم، وعلى تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية وضبط القرار الأمني لمنع أي نفوذ خارج إطار الدولة".
ولفت الهلالي، إلى أن "الترشيحات المعلنة داخل بعض الأحزاب لا تعني بالضرورة حسم المشهد، لأن المفاوضات قد تفضي إلى أسماء تختلف عن المتداولة إعلامياً".
وشدد، على أن "تقدم العملية السياسية مرهون بقدرة الأطراف على تقديم تنازلات متبادلة"، داعياً "لجان (الإطار) إلى إعلان معايير واضحة وجدول زمني محدد للمقابلات، وإشراك خبراء مستقلين في تقييم المرشحين"، مؤكداً أن "تجنب المماطلة وحسم الملفات السيادية سيمنعان أي تدخلات خارجية تُعقّد المشهد وتضر بمصلحة البلاد العليا".