كشف الخبير الاقتصادي منار العبيدي عن تداعيات خطيرة قد تواجه الاقتصاد العراقي في حال انخفاض أسعار النفط، مؤكداً أن الإجابة على هذا السؤال تتجاوز التأثير في سنة مالية واحدة لتمس قدرة الحكومة على قراءة المستقبل لعقد قادم واستعدادها لاتخاذ قرارات تستشرف الأبعاد بعيدة المدى.
وأوضح العبيدي في منشور على صفحته في الفيسبوك، أنه" عند تراجع الإيرادات عن النفقات، تبدأ سلسلة من السيناريوهات الاقتصادية التي تحاول الدولة من خلالها سد العجز بأقل الخسائر الممكنة".
وأشار العبيدي إلى أن "من بين هذه الإجراءات، قد تلجأ الحكومة إلى تسوية ديونها عبر مبادلة الديون بأصول الدولة، خاصة الديون الداخلية، حيث يتم نقل ملكية بعض المنشآت والممتلكات إلى الجهات الدائنة لتمهيد الطريق للاقتراض مجدداً في المستقبل".
كما نوه إلى أنه " قد تبرز احتمالية توجه الدولة إلى تأجيل صرف بعض الرواتب، وتوزيعها على فترات متقطعة خلال الشهر، ما قد يؤدي إلى حصول بعض المؤسسات على أحد عشر راتباً سنوياً بدلاً من اثني عشر، وذلك من دون أن يشعر الموظف بتأخير كبير".
وكشف الخبير الاقتصادي عن إمكانية سحب الأمانات المالية المحتجزة لدى مؤسسات حكومية وتسجيلها كديون لصالح الخزينة العامة، بهدف تغطية جزء من النفقات الطارئة.
ولفت إلى أن "رفع الدعم عن المشتقات النفطية أو تقليله تدريجياً يعد خياراً محتملاً، ما سيؤدي حتماً إلى ارتفاع الأسعار المحلية للمحروقات والمنتجات المرتبطة بها".
وأضاف العبيدي أن "تقليص النفقات الاجتماعية قد يطال برامج الرعاية الاجتماعية والبطاقة التموينية، سواء من خلال تقليل عدد الدفعات السنوية أو تعديل آليات التوزيع، لتخفيف العبء المالي على الدولة".
وبين أن" الشركات الكبرى في مجالات الاتصالات والمصارف والنفط ستكون هدفاً رئيسياً لأي زيادة ضريبية محتملة، نظراً لقدرتها على تحمل نسب أعلى من الضرائب من دون انهيار فوري في نشاطها".
وشدد على أن "هذه السيناريوهات تبقى تحليلية وافتراضية، خاصة في سنة انتخابية يصعب فيها تطبيق إجراءات اقتصادية مؤلمة"، معتبراً أن "الحفاظ على رواتب الموظفين يظل خطاً أحمر سياسياً".
وأكد أن "الخلل البنيوي في الاقتصاد العراقي لا يرتبط فقط بأسعار النفط، بل بعدد الموظفين والمستفيدين من الدولة الذي تجاوز ثمانية ملايين شخص، وهو رقم يجعل أي إصلاح مالي شبه مستحيل من دون إعادة هيكلة جذرية للجهاز الحكومي".
وحذر من أن "كل انخفاض بمقدار دولار واحد في سعر النفط يعني خسارة العراق أكثر من مليار دولار سنويا"، مشيراً إلى أن "محاولات تعويض هذه الخسائر عبر الضرائب أو الرسوم أو رفع الدعم لن تنجح في سد العجز بشكل مستدام في المدى القريب".
وخلص العبيدي إلى أن "الحل الحقيقي لا يكمن في "الترقيع المالي"، بل في إعادة هيكلة النفقات التشغيلية، وتنويع مصادر الدخل، وتحفيز القطاعات الإنتاجية، والانتقال من دولة تعتمد على النفط إلى اقتصاد يخلق الثروة ولا ينتظرها من الخارج".
واختتم بالتساؤل عن المدة التي ستبقى فيها الدولة المحرك الأساسي للاقتصاد العراقي، وعن موعد انتقال الدور الحقيقي إلى القطاع الخاص ليكون المنتج الأكبر، بدلاً من الاعتماد على النفط كمحرك أساسي تتباطأ عجلته كلما انخفض سعره وتتحرك بارتفاعه.